Thursday, September 29, 2005

Feeling Baghdad

"بغداد جنة بعيوني انا.. بغداد حبها يكبر كل سنة.. و الله و راس اهلنا ما انحني،
والله هي حبنا كلنا.. ما انسى بغداد بيتي و صلاتي ووطني.. اشكد حلوة بغداد مولدي و عرسي و كفني"
ياااااااااااااااااااااااه كم اصبحت الدمعة تسكنني، أحسها في قلبي قبل أن ترطب عيني ما أن اسمع بغداد.
اليوم سمعت بغداد في اغنية و ذكريات. الاغنية هي "بغداد" لعادل عكلة. لا ادري ماذا دفعني الى التفتيش بين اقراص السي دي القديمة و المركونة في زاوية اسفل الكمبيوتر و التي لم المسها منذ ان اُحتلت بغداد. كانت الاتربة تغطي الحافظة الشفافة و تمكنت من التسلل الى الداخل. بعض الاقراص لم تعمل و بعضها الاخر عملت بصعوبة. و كان القرص الاخير مغطيا بأتربة كثيرة مسحتها عّلني أجد عليه اسما ما، و لم أجد أية كتابة او تاريخ. و ما ان وضعته في مشغل الكمبيوتر و صدح صوت عادل و اغنية "بغداد جنة في عيوني انا".. و تذكرت تلك الايام و الصديقة سيتا هاكوبيان مشغولة في اخراج الاغنية للتلفزيون. كانت تفكر وحدها بصمت و احيانا بصوت عال معنا بكيفية تصوير بغداد من زوايا جميلة تخبئ من خلالها ألم الحصار الذي طال حتى الاشجار. و خرجت الاغنية جميلة و بغداد جميلة و لكن الحصار كان قد بدأ يحاصر القلب و يجعل للفرحة طعم الخوف. في أية سنة حصار خرجت الاغنية؟ و تحت أي تهديد بعدوان جديد؟ لا استطيع ان اتذكر. تبدو السنوات بعيدة جدا و كأن الاحتلال أصبح يمحو باصرار ذكرياتنا القريبة و البعيدة. أين هو عادل عكلة الان ليناجي بغداد، اين هي سيتا لتفكر كيف تُظهر بغداد فرحة في تصوير اغنية؟
ضجيج طائرات هليكوبتر امريكية تشوش الاغنية و تلوث الفضاء و طائرة اخرى و صوت انفجار ثم صافرة الانذار تدق في القاعدة الجوية التي اصبحت قاعدة امريكية، ربما سقطت قذائف هاون على القاعدة التي تستهدفها الهاونات دائما و دائما لا نسمع بالخسائر الامريكية.
الامريكان هنا في العراق مثل افلامهم التي تشبه الى حد بعيد الافلام الهندية التجارية مع الفرق في التقنية. فالامريكي السوبر مان يقتل العشرات و يقفز من طائرة ليجده المشاهد على باخرة يقبل سيدة جميلة و في لمح البصر يصبح في قطار مطاردا و دائما هو المنتصر. لا احد يستطيع ان يعرف الخسائر الامريكية غير المعلنة و في الوقت نفسه لا احد يعرف الخسائر البشرية العراقية التي تمضي بفعل "الاخطاء الامريكية" اي بالنيران "الصديقة". قبل ايام في كركوك انفجرت عبوة ناسفة في طريق رتل امريكي و كعادتهم بدأ الجنود الامريكان باطلاق نيرانهم "الصديقة" يمينا و يسارا و كان اكرم، صانع الطرشي و الاب لتسعة اطفال، يحمل الخيار في سيارته الرينو القديمة و كان معه احد العاملين في صناعة الطرشي. و لسوء حظه كان هدفا للنيران الصديقة. هل جُرحا ام قُتلا؟ لا احد يملك الجواب الذي تبحث عنه زوجة اكرم! قالت مصادر الشرطة بأنه كان مجروحا و بحالة حرجة عندما أخذه الامريكان الى المستشفى داخل القاعدة. و سكتت المصادر!!
......................................

و ما دام في القلب متسع للألم وضعت قرصا يحمل اسم مارسيل خليفة، و اول اغنية فيه تقول "اجمل الامهات التي انتظرت ابنها و عاد شهيدا"!! لا ادري من الغبي بيننا نحن الذي عشقنا صوت مارسيل و عوده و شعر محمود درويش حين كان العشق ممكننا و الكرامة مضمونة ام مارسيل و ومحمود درويش اللذين صدقا ان العشق الممكن قد يستمر. لقد تحول مارسيل الى الغناء في المهرجانات الفنية و دائما هناك صبايا يرقصن اهتزازا مع اناشيده لانهن يذهبن اساسا للرقص دون استيعاب.. كم كنا أغبياء. هل يعيد هذا الاعتراف المتأخر 30 سنة من الاستماع و الحلم الذي أحال الحياة و العراق كابوسا؟ 30 سنة؟ هل كان مارسيل و مجمود و قبلهما عبد الحليم اطراف في المؤامرة على حلمنا و شبابنا؟ لا مفر من التفكير في مؤامرة و قناة الجزيرة تسحبنا الى معارك جانبية ليبعدنا عما يفعله امراء ووزراء قطر من علاقات مع "اسرائيل". فالجزيرة تدين العلاقات التي يفكر بها برويز مشرف مع "اسرائيل" لكنها لا تشير الى الشيخة موزة التي قدمت الدعوة لوزير التربية الاسرائيلي لزيارة قطر و زارها فعلا و لا تشير الى العلاقات النجارية القطرية الاسرائيلية. و مع كل خطوة قطرية "عملاقة" تجاه اسرائيل تضع الجزيرة شريطا صوتيا لاسامة بن لادن او ايمن الظواهري.. لا مفر من التفكير بمؤامرة.
غزا الشيب رأس مارسيل و غزا الخوف بيروت و لا ادري ان كان محمود درويش ما يزال يصبغ شعره "لان النضال يطالبنا ان نبقى شباب" كما كان صدام حسين يقول دائما، طبعا قبل احتلال بغداد!!
كم كنا اغبياء!!
"امرأة فجرت نفسها في مركز للتطوع في تلعفر" و قبلها قال نازحون من تلعفر بأن الشخص الذي فجر نفسه في نقطة سيطرة للحرس الوطني في تلعفر ابّان الهجوم الامريكي الاخير كان امرأة تسحب معها طفليها الصغيرين و الذين تمزقا معها.. حينها قالت الاخبار بأن العملية الانتحارية تسببت بمقتل 6 من الحرس و الشرطة و امرأة مع طفليها. و اضاف الرواة بأنها كانت زوجة لرجل تم اعتقاله منذ اشهر و قد اتعبها الانتظار و السؤال. تلك المرأة المفترضة و المرأة التي فجرت نفسها اليوم لم تحلما بأن تكونا من ضمن "اجمل الامهات" و مهما كان انتماؤهن و
دوافعهن الا انهنا رفضتا ان تصنفا غبينين و اختارتا النهاية. و اليوم قال "ابو صفوك" رئيس عشيرة الاغوات في تلعفر بأنهم دفنوا 145 شهيدا مدنيا بينهم اطفال و نساء و يتوقعون العثور على شهداء مدنيين آخرين تحت الانقاض. و ابو صفوك مع اهله و اقربائه لم يتركوا تلعفر اثناء القصف الجوي و المدفعي.
في العراق الان لا تنتظر الام ان تكون الام الاجمل بعد انتظار ابن يأتيها شهيدا.. قد يتحول الابن الى "اجمل الابناء الصابرين" حين يعود الى البيت و يجده انقاضا و يكتشف بأن قذيفة مجهولة المصدر قضت على والدته قبل البيت. و قد يُخطف الابن و الزوج و يُقتلا اذا لن ثثوفر الفدية..
ليت مارسيل الذي لم ينشد لاطفال العراق المحاصرين و لاطفال العراق و العراق تحت الاحتلال، يأتي مع شاعره محمود ليكتشفا الف طريقة و طريقة ادخلها الامريكان الى العراق تجعل من الام و كل افراد الاسرة "الاجمل".
و انا اكتب الان و الساعة حوالي العاشرة ليلا من يوم 28 ايلول، اسمع صوتا ينادي من خلال مكبرة صوت "فُقدت نوال قاسم 14 سنة الرجاء ممن يعثر عليها ان يسلمها الى الجامع". مسكينة ام نوال المفجوعة بابنتها و الكونتيسة سارة فيرجسون كانت مساء بلقاء تلفزيوني و سألتها مقدمة البرامج الشهيرة بربارا والترز ان كانت ابنتاها ذات ال16 و 14 سنة تتمتعان مع صديقيهما و تقيمان العلاقات الكاملة!! و ابنة ال14 سنة في العراق تُخطف و تغتصب و تفتل.. او تُسرق من ملجأ و تباع و تنتهي في الشارع!! و تظهر اويرا وينفري في حلقة معادة عن نساء تعدين الاربعين و الخمسين تطالبهن بفتح الابواب و القلوب و عنوان الحلقة "نساء كبيرات و رجال اصغر" و تقول من خلال لقاءات ان المرأة فوق الخمسين تكون اجمل مع شاب يصغرها بعقد او اكثر و تطالب المشاهدات ان يرسلن تجاربهن.. لو ارسلت لها تجربتي قطعا سأشير الى سنوات من عمري اضاعتها و ستضيعها لي دولتها امريكا لامنحها و الامريكان عالما اكثر امنا لتكون هي الاجمل و انا التي اضاعوا لها 30 سنة ما زلت انتظر ان يضيعوا لي اكثر.
قال الصديق العائد الى العراق بعد غربة 25 سنة بأنه يشعر بالغربة هنا ايضا فقد ترك العراق و هو في ال26 و كان البلد رغم الظلم جميلا و حميما و يكتشف الان ان العراق الذي عرفه لم يعد موجودا و اصدقائه الذين كانوا معه في المدرسة و الحي يبدون اكبر منه كثيرا فقد اتعبتهم الحروب و الحصار و الاحتلال.. يشعر بأنه يحرجهم و هو الراجع من اوروبا حيث كان بعيدا عن الحصار و الخوف و القلق، يأكل اكلا صحيا و تعلم كيفية الحفاظ على الشباب روحا و مظهرا.. لا يريد العودة الى اوروبا لقد اختار ان يبدأ غريبا في العراق ال"جديد".
العراق الجديد!! هذا المصطلح الغريب لكنه صحيح فالعراق الذي عرفناه ذهب مع أول يوم احتلال، منذئذ لا اشعر بالانتماء الى الأرض الذي كان يوما العراق و الى المرأة التي كنتها.

9 Comments:

Blogger Unknown said...

I am happy to read it with the help of Google translator and really like it. thanks for sharing it. View homepage for the factors to consider before selecting custom dissertations providing company, now. To learn more look at http://www.dissertation-writing-uk.com/dissertation-writing-service.aspx

6:11 AM  
Blogger Unknown said...

Impressive post but it is difficult to read but i use translator. Here i am going to suggest you please write in English to spread your voice around the Glob. Click here for dissertation writing services uk.

6:11 AM  
Blogger Unknown said...

I am very agitated that I have discovered your post because I have been penetrating for some information on this for about two hours. You have helped me a lot undeniably and by reading this article. I have found much new and valuable information about this subject. I was guessing if you could write a little more on this subject? I’d be grateful if you could involved a little bit more.
Thanks for sharing it.
See dissertation writing help



10:25 PM  
Anonymous Anonymous said...

Hi, I think u have posted the best article according to information. keep it up I will be glad to see such informative and helping article from u. very useful information.. thanks for sharing.
thesis writing services

10:41 PM  
Blogger Unknown said...

I would like to thank you for presenting a very insightful informative post. Thanks

dissertation help uk

7:35 PM  
Blogger Unknown said...

Finance Homework Help
College Homework Help is just few clicks away. Any subject, any time, just email us the details.
Cheap Dissertation Writing Service

8:16 AM  
Blogger Jolia said...

This is really very informative blog which I have found luckily while searching something similar on the net.
Cheap Dissertation Writing Services

10:45 AM  
Blogger Jolia said...

This blog offers an invaluable insight which is just worth sharing and I would like to share it with my friends
The Academic Papers Writing Services

10:48 AM  
Blogger Ivymelda said...

Our Pre Written Research Paper writers are highly rated and incomparable to others in the field since they have a bold reputation for beating deadlines and delivering the Custom College Papers is beyond expectations.

11:53 PM  

Post a Comment

<< Home